قصة الصحابي عبدالله بن مسعود { الجزء الأول }

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما نزل فليقرأه على قراءة ابن ام عبد }
كان يوم إذن غلاما يافعا لم يجاوز الحلم وكان يسرح في شعاب مكة بعيدا عن الناس ومعه غنم يرعاها لسيد من سادات قريش هو عقبة بن معيط .
كان الناس ينادونه : { ابن أم عبد } أما اسمه فهو عبدالله وأما اسم ابيه فمسعود .
كان الغلام يسمع بأخبار النبي الذي ظهر في قومه فلا يأبه لها لصغر سنه من جهة ولبعده عن المجتمع المكي فقد تعود أن يخرج بغنمه باكرا ولا يعود إلا إذا اقبل الليل وفي ذات يوم رأى عبدالله رجلين عليهما الوقار يتوجهان نحوه من بعيد و قد ظهر عليهما التعب و العطش فلما وقفا عنده سلما عليه و قالا له يا غلام احلب لنا هذه الشياه ما نطفئ به ظمأنا ونبل عروقنا فقال الغلام : لا أفعل فالغنم ليست لي وأنا عليها مؤتمن فبدا الرضا على وجههما ثم قالا له أحدهما دلني على شاه لا تحلب لبنا فأشار الغلام إلى شاه صغيرة قريبة منه فتقدم الرجل و أمسك بها وجعل يمسح درعها بيده و هو يذكر عليها اسم الله فنظر إليه الغلام في دهشة و قال في نفسه متى كانت الشياه الصغيرة تدر لبنا؟
لكن درع الشاه ما لبث أن انتفخ ونز منه اللبن كثيرا غزيرا فأخذ الرجل الآخر حجرا مجوفا من الأرض وملاه باللبن وشرب منه هو وصاحبه وسقياني معهما وأنا لا أكاد أن أصدق ما ارى فلما ارتوينا قال الرجل المبارك لدرع الشاه انقبض فما زال ينقبض حتى عاد إلى ما كان عليه عند ذلك قلت للرجل المبارك علمني من هذ القول الذي قلته فقال لي إنك غلام معلم كانت هذه بداية قصة عبدالله بن مسعود مع الاسلام إذ لم يكن الرجل المبارك إلا الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يكن صاحبه إلا الصديق رضي الله عنه فقد خرجا في ذلك اليوم إلى شعاب مكة لفرض ما آذاهما قريش ولشدة ما أنزلت بهما من بلاء .
كما أحب الغلام الرسول الكريم وصاحبه وتعلق بهما فقد أعجب الرسول وصاحبه بالغلام و أكبرا أمانته وحزمه وتوسما فيه الخير لم يمضي وقت حتى أسلم عبدالله بن مسعود وعرض نفسه على رسول الله ليخدمه فوضعه الرسول في خدمته ومنذ ذلك اليوم انتقل الغلام المحظوظ عبدالله بن مسعود من رعاية الغنم إلى خدمة سيد الخلق و الأمم .
لزم عبدالله بن مسعود رسول الله صلوات الله عليه ملازمة الظل لصاحبه اذا كان يوقظه اذا نام و يستره اذا اغتسل ويلبسه نعليه اذا اراد الخروج ويخلعها من قدميه اذا هم بالدخول ويحمل له عصاه وسواكه ويلج الحجزة بين يديه اذا اوى الى حجرته . بل ان الرسول عليه الضلاة والسلام اذن له بالدخول عليه متى شاء والوقوف على سره من غير تحرج ولا تأثم حتى دعي بصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ربي عبد الله بن مسعود في بيت رسول الله فاهتدى بهديه وتخلق بخلقه وتابعه في كل خصلة من خصاله حتى قيل عنه انه اقرب الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم هديا وسمتا اي الهيئة والخلق.
والى اللقاء غدا في الجزء الثاني.

جميلة عقبال الباقي