لا تهملوا الموعظة.

لا تهملوا الموعظة.

إن النفوس تصيبها القسوة والغفلة وتبتعد القلوب عن الله وتتعلق بالدنيا وما فيها ويلابس الناس الذنب والمعصية فيحتاجون الى التذكير والوعظ .
ومن يتامل سنة النبي صلى الله عليه وسلم يرى انه كان يعنى بالموعظة وكان كثيرا ما يذكر اصحابه ويرقق قلوبهم ولم تكن الموعظة خاصة بحديثي العهد بالاسلام والتوبة ولا بالمقصرين المخلطين انما كانت هديا راتبا له صلى الله عليه وسلم يتخول بها اصحابه .
عن العرباص بن سارية رضي الله عنه قال : ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه و سلم موعظة ذرفت منها العيون و وجلت منها القلوب فقلنا : يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا ) و يصف حنظلة الأسيدي و كان من كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يصف مجالسه صلى الله عليه و سلم فيقول : ( لقيني أبو بكر فقال : كيف أنت يا حنظلة ؟ قال : قلت : نافق حنظلة (( أي ميت )) قال : سبحان الله : ما تقول ؟ قال : قلت : نكون عند رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرنا بالنار و الجنة حتى كأنا رؤيا عين فإذا خرجنا من عند رسول الله عافسنا (( أي عاشرنا )) الأزواج و الأولاد و الضيعات فنسينا كثيراً قال أبو بكر : فوالله إنا لنلقى مثل هذا .
و حين دفن النبي صلى الله عليه و سلم أحد أصحابه جلس على القبر و هو لم يلحد بعد فوعظ أصحابه موعظة بليغة و ذكر لهم ما يلقاه العبد بعد موته من أحوال البرزخ و أهواله و في خطبه صلى الله عليه و سلم كان يعنى بهذا الأمر فعن أم هشام بنت حارثة بنت النعمان قالت : ما حفظت (( ق~ )) إلا من في (( أي فم )) رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب بها كل جمعة قالت : و كان تنورنا (( أي فرننا ) و تنور رسول الله صلى الله عليه و سلم واحداً قد أخبر تبارك و تعالى عن عباده المتقين و أنهم بحاجة إلى تعاهد النفوس و رعايتها فقال : (( و سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السموات و الأرض أعدت للمتقين )) إلى آية 135 . بل أخبر صلى الله عليه و سلم عن نفسه فقال : ( إنه ليغان على قلبي و إني لأستغفر الله في اليوم 100 مرة ) .
فإذا كانت هكذا نفوس المتقين الذي بلغوا الرتب العالية و المنازل الرفيعة فكيف بمن هم دون ذلك بكثير كيف بنا اليوم و نحن نعيش عالماً مليئاً بالفساد و المنكرات و نلابس و نواقع كثيراً منها صباحاً و مساءً ناهيك عن الإستغراق في فضول المباحات و الوقوع في المشتبهات و هذه دائرة ربما لم نفكر فيها لأننا لم نتجاوز ما قبلها .